الخميس، 18 يونيو 2020

فاضل البراك طالب في الكلية العسكريه عام 1962

فاضل البراك التحق بلكلية العسكريه عام 1962

الهويه العسكرية فاضل البراك عندما كان طالب




الخميس، 4 يونيو 2020

فاضل البراك ولجنة الإنسحاب من الكويت دكتور كاظم هاشم نعمه - الحلقه الاخيره


فاضل البراك في تركيا


الحلقة الأخيرة من يومياتي.... أنا والرئاسة
زيادة في التوضيح
لقد أتى الدكتور مازن الرمضاني على تقديم توضيح إلى النص الذي نشر في الحلقات الخمس عن يومياتي في الرئاسة. وكنت احسب أنه سوف يُصّوب ما جاء في النص أو يرفده بما لديه من معلومات غير التي أتيت عليها.
اولأ-أشار في توضيحه إلى ان ذكر أسمه لم يرد، لكنه قد جاء ذكره في النص بعدما توسع عدد اللجنة من اربعة إلى سبعة.
ثانياً- والملاحظة الثانية مسألة ليست بذات أهمية كونها تدلنا إلى الذي كتب المقترح. حسب علمي وما كتبه الاستاذ عبد الملك ياسين في كتابه( حتى لا تضيع الحقيقة) وتيقنت منه بالهاتف انه بخط يده وهي وثيقة تأريخية بحق.
ثالثاً- إن اللجنة لم تعلم حالها حال غيرها بإقدام العراق على استخدام القوة العسكرية قط. لايصح استراتيجيا ان يفشي الرئيس صدام حسين عن عزمه على استخدام القوة العسكرية وليستأنس برأي اللجنة أمر محال في محال في محال. ما اشار اليه دكتور مازن في توضيحه بقوله ( كما إن عدد الذين اقترحوا عدم استخدام القوة العسكرية ضد دولة الكويت كانوا فقط اربعة من مجمل اعضاء اللجنة) يوحي إن اللجنة كانت على علم. هذه معلومة غير صحيحة قط لذا أرجو التوكيد عليها.
فهناك الجالية العراقية "بدون" والتي من الممكن تجنيد بعض منها في قوات الجيش الأمن، وقيام مصالح اقتصادية من شركات وعمالة عراقية عوضا عن الاجانب، كما هناك الجالية الفلسطينية التي أيدت دخول العراق الى الكويت. ففي وسع العراق أن يعيد حكم آل الصباح ويجري التفاهم على صيغة من الرباط السياسي غير المؤسسي عوضا عن الوحدة او الفيدرالية او غيرها.
وجادلت بان السعودية قد تحبذ هذا الخيار فمع أن ليس من مصلحتها أن يكون العراق قويا ومتحديا لدورها، فإنها تخشى من عواقب وهن العراق مما يجعلها تواجه إيران على إنفراد. وبما أن امريكا ، كما قالت السفيرة، لا تضغط على الحلول العربية في حل الخلافات العربية فإنها سوف لن تعترض على تفاهم عراقي كويتي له ابعاده الامنية في مواجهة التحديات الإيرانية في المستقبل. إن أمريكا تريد عراقا يصد إيران أو يتوازن معها. وإنها لا تريد الاعتماد على السعودية وحسب في أمن الخليج العربي فتبتزها السعودية.
فاضل البراك

إن امريكا قد امهلت العراق الفرصة لتدبير وجوده في الكويت ولم تهب مباشرة لإخراجه من الكويت. ولا يصح القول إن امريكا كانت تنتظر اختمار بيئة إقليمية ودولية لخلق شرعية لعملها العسكري لعجز في القدرات العسكرية. لقد امتنعت امريكا من اخراج العرق بما لديها من قوات في الخليج العربي وفي تركيا ان تطرد العراق. لقد اعطت واشنطن فرصة كادت ان تكون طويلة لتعمل الدبلوماسية العربية والدولية على اقناع العراق بالانسحاب. إن امريكا لم يكن ثمة ما يمنعها أن تقدم على عمل من طرف واحد ويركب معها في الزورق مجاناً كل من يشاء وكانوا كثيرين من عرب وغير عرب.
إن الشكوك في التعهدات الفرنسية والسوفيتية لا تشفع لها حججها. إن في وسع العراق أن يطالب بأن يكون الانسحاب تحت خيمة دولية وليس أحاديا من جانب العراق، او بوصاية من الامم المتحدة ويشترك فيها دول من حركة عدم الانحياز والدول العربية.
إن الخطر المتمثل في إيران على المصالح الأمريكية والغربية يحث أمريكا على أن تؤمن عراقا قوياً بعد الانسحاب. إن امام أمريكا ثلاثة خيارات.اولاً، أن تترك الخليج العربي لإيران بعد الحرب. ثانيا، دعم عراق قوي يتعاون مع السعودية في مثلث امريكي- عراقي – سعودي. ثالثا، أن تتولى أمن الخليج العربي بنفسها فتصبح في مواجهة إيران وجها لوجه. إن الحل الثاني هو الارجح لتامين الأمن والاستقرار في المنطقة والازهد كلفة. إن فيه مزايا ايجابية لخدمة مصالح امريكا. فمن الناحية الاولى سوف لن يكون امام إيران وهي تواجه المثلث فرص في المستقبل المنظور لتتمرد من جديد وتحيي دولة الثورة وتصديرها، بل سوف تسعى لتتعايش مع دول الخليج العربي كدولة. ومن الناحية الثانية، إن دول الخليج العربي لن تستطيع أن تستغني عن العراق ،وبالتالي فمن مصلحتها أن تحتويه وليس عزله ونبذه. ومن الناحية الثالثة، سوف يكون العراق والسعودية تحت جناحي الولايات المتحدة وعندها لا تحديات لسياستها في المنطقة.
إن الانسحاب لا يعني نفض اليد من تلك الحجج والاسباب التي ساقها العراق ضد الكويت. إن بيد العراق روافع للضغط على امريكا والسعودية لتتعاطف مع المطالب العراقية شرط أن تكون عادلة ومقبولة . لا يوجد في الحروب والانسحاب استسلام غير مشروط قط. لقد رفع تشرشل هذا النداء في العرب العالمية الثانية، وعندما جلس الخصماء عند الطاولة كان ذلك بشروط.
فاضل البراك

لم يتضمن المقترح تفصيلات لترويج الفكرة الاساسية، وقد يقول البعض إن ذلك لم يكن صائبا من جانبنا والسبب في إننا لم نفعل ذلك هو إننا ما كنا نرسل الى الرئيس دراسات بل خيارات. ويقع عليه ان ينتقي منها ما يراه وهو هذا عين الصواب في عمل أي لجنة استشارية أو مستشار. فالدور ليس مؤسسي بل تكميلي بالنسبة للجنة ليس لها سلطة أو يترتب على ما تقترحه من بدائل مسة في عواقب الخيار المنتقى. إن الانتقاء من سلطة الرئيس، وإذا اوصت بالخيار المنتقى فعندها تكون اللجنة قد أدت دورين متناقضين. تقترح وتوصي بتفضيل معالجة على أخرى. إن الأمر ليس كذلك. لقد وضعنا أمامه إما أو. ويقع عببء الاختيار عليه. حبذ بعضنا المقترح وتحفظ آخرون. لقد كان دكتور فاضل مع تقديمه.
فاضل البراك

.
هذه بضاعتكم ردت إليكم
. مضى اسبوع على حمل المقترح إلى الرئاسة. التقينا في اليوم المعين كما هو الحال كل اسبوع. كان بيد فاضل الملف الوردي اللون الذي طويت فيه ورقة المقترح. جاء وتعابير وجهه تقول واحسرتاه.. أخبر الاستاذ عبد الملك ياسين وارجع إليه مقترحه. وكان يخاطبه في اغلب الاحيان " خالي" بنبرة ريفية خاصة مفعمة بالتقدير والود. وقد جاء الاستاذ عبد الملك ياسين على ما وقع في مذكراته " حتى لا تضيع الحقيقة". لم يشرح لنا لماذا لم يقدم المقترح. وأكتفى بالقول إن الموقف الذي وجده في مكتب الرئيس لا يشجع على تقديمه. أدركنا ما كان يرمي إليه بقوله هذا. ما هو الأمر الذي صده عن تقديمه؟
لقد كنت في كثير من الاحيان انفرد بدكتور فاضل واستوضح منه بعض المواقف عند الحاجة. اقتربت من دكتور فاضل ونحن نَهم بالخروج فسألته لماذا لم يقدم المقترح. قال لي إن الموقف الذي وجد نفسه فيه لم يكن مشجعاً على تقديم ما تضمنه المقترح، فقد كانت أفكار الانسحاب لربما قد أشير إليها من بعيد أو قريب وطَرقت سمعَ الرئيس أو تحسس بأنها تجوب في عقول بعض الذين حوله. وقال إن فكرة الانسحاب عند الرئيس كانت تعبر عن الانهزام، إنها خط أحمر بالقلم العريض، بل إنها الخيانة. وعقابها ليس خفيا على اللبيب، قلت مع نفسي.
فاومأ بيده على عنقه موحيا بما معناه حز الرؤس مخففا عليّ وقع تمثيله لما كان يتوقعه لو كان قد عرض المقترح على الرئيس بتلك الابتسامة التي تكون على وجهه عندما كان يخاطبني.
وكيف علم فاضل بذلك ؟ هل هو من بنات استنتاجاته أم أن عبد حمود، المقرب من الرئيس والذي يقدم له البريد، أطلعه على التوجه عند الرئيس؟ لماذا لم يقدم فاضل المقترح بنفسه للرئيس على انفراد؟ هل فعل ذلك مرة مع ما كنا نرفعه للرئاسة؟ مما لا ريب فيه إن انفراده بالرئيس ليس بالحدث غير المعتاد بالنسبة له، فقد كان رئيسا للجهاز وإن كثيراً من القضايا الجسام لا يمكن ان يتخذ القرار بشأنها بنفسه دون أخذ الموافقة من الرئيس. هل خشي على نفسه من رد فعل الرئيس؟ ألم يعلم أن من مهمات لجنة استشارية أن تقدم ما تنصح فيه، وليس لإرضاء أهواء الرئيس؟ أليس في وسعه الدفاع عن الرأي بنفسه بأن هذا رأي اللجنة وليس رأيه، وإن ليس من الصائب حجبه عنه فهو الذي قام بتشكيل اللجنة بنفسه طالباً النصح منها ففي حجبه خطا جسيم، إذ لا يصح أن يُعرض على الرئيس ما يحلو في عينه وتطمئن إليه نفسه فقط، بل في السياسة إن الخيارات الصعبة هي التي يُمتحن فيها القادة. وإن الذي يستجدي النصح على علم بيقين أنه يواجه مِحَناً ومصائب إن هو لم يتخذ القرار السليم والصحيح. لماذا جاء بنا إذا كان لا يريد ان نُسمعه كلَ شيء حلوه ومره، صوابه وخطله، باطاله وشرعه ،؟ هذا من جهته.
فاضل البراك

وأما من جهتنا لا حق لنا أن نعفي انفسنا من قسط من اللوم والمسؤلية. لا يصح أن نكون لجنة من خبراء مارسوا السياسة والدبلوماسية لعقود وأساتذة لهم باع في ميدان تخصصهم اكاديمياً في السياسة تودي دور المتفرج أو المثني والمادح والمستبشر والمهلل. لقد كان من الواجب أن نفعل أحد الأمرين. إلحل الأول ،أن نطلب إعفائنا جماعة او فرادا. وهذا أمر محال. فلا أحدَ يحسدنا على الحال الذي كنا فيه . فمن يجرأ على أن يقف في وجه سلطة كسلطة الرئيس. فلا أظن إن في تاريخ السياسة العراقية أن التمس وزير أو عضو لجنة ان يُعفى او يقدم استقالة بسبب وغز ضمير أو وجدان يفسده باطل.. فما بالكم بأعضاء لجنة من صنع يده. وإلطريق الثاني، أن نتدبر الأمر في كيف نضع المقترح على طاولته. لم نناقش كيف لنا أن نفعل ذلك. غلب علينا مدرك أن الرفض قد كان امراً مقضياً. وهنا لا مفر من سؤال أليس من مسؤلية الدكتور فاضل أن يَهِب في هذه الحالة ويضغط على عبد حمود ليقدم المقترح. وإذا امتنع عبد حمود ففي وسع دكتور فاضل أن ينوب عنه ويحمله إلى الرئيس بنفسه.
ولا أظن أن دكتور فاضل تتقطع به السبل للوصول إلى الرئيس وجها لوجه. إنه يعتلي منصب مستشاراً سياسياً وهذا يعني أن لديه فرص الوصول إلى الرئيس. إن المستشار لا يبقى ينتظر حتى يستدعيه الرئيس لغرض يريد أن يستانس برأيه، وإنما يطلب المستشار من الرئيس أن يستقبله لقضية عاجلة وخطيرة تستوجب أن يتخذ بشأنها الرئيس القرار. والقول بان الموقف لم يكن ملائما لعرض المقترح ضعيف الحجة. لقد كان في وسع الدكتور فاضل أن يتريث حتى يحين موقف ليقدم فيه المقترح، فليس الأمر على درجة من الخطورة ليقدمه في ذلك الحين. كما إن في وسعه أن يحمله معه الى اللجنة لتعيد النظر فيه من حيث وجوب تقديمه من عدمه. لماذا نكص عن فعل ذلك؟ ربما إنه أصبح منكشفاً امام سبعاوي وكان يدرك بأن تولي سبعاوي جهاز المخابرات سوف يجعله ضعيفا أمام جبهة من الرئيس وأخيه. إن الخوض في جدل ما كان في خلد الدكتور فاضل وهو في مكتب الرئيس وبيده الملف ضرب من التأويل. أعتقد إن الاسباب كثيرة. ولا يساورني الشك قط بأن دكتور فاضل لم يكن مع المقترح. فلماذا حمله إلى الرئيس إذا كانت لديه قناعة أو حدس أو معلومة بأن رفض الانسحاب أمر نهائي ويترتب عليه عواقب وخيمة.
إن هذه هي المشكلة الأم في عملية صنع القرار في أنظمة سلطوية وفردية وتغيب عنها المؤسسات والمراكز. ومن هذا الموقف يتضح إن ما كان يبدو من خطوات في عملية صنع القرار ذات مغزى ومنافع، فإنها في الحقيقة خطوات صورية أو مؤقتة، او لتعالج قضايا ليس بذات أهمية استراتيجية.
ولعمري الحق مع كل من يسأل فلماذا جاء الرئيس بهذه اللجنة الخاصة به والتي حدد نشاطها في السياسة الخارجية.
وفي الجملة، هل كان الرئيس سوف يأخذ بنصيحة الانسحاب؟ الجواب عندي هو كلا يقيناً.
"لو" كان قد أخذ الرئيس بالمقترح لما كان الذي كان
لو كان الرئيس صدام حسين قد أخذ بما كان يريد من اللجنة أن تعينه عليه في تدبير السياسة الخارجية للعراق، لما كان الذي كان. و إن كان التحليل بفن "لو" ضرب من المحال. ومع ذلك، يكتظ تاريخ العلاقات الدولية منذ بداية عصر الدولة القومية في القرن السابع عشر وحتى يومنا بقرارات وافعال لا تختلف عما فعله الرئيس صدام حسين. لقد ضمت الصين التبت. وتراها جزءً من التراب الوطني وتحذر كل طرف لا يرى التبت كذلك ولم تتحرك الهند رغم وقوف امريكا والاتحاد السوفيتي مع الهند ضد الصين في الحرب بينهما، ثم تتصارع الصين على جزر في بحر جنوب الصين واحتلت عددا منها، وتحاجج بانها جزء من التراب القومي الصيني، ومنذ ثورة 1949 والصين تطالب بتايوان. واحتلت اسرائيل الضفة الغربية والقدس ولم يخرجها احد، واحتلت إ يران الجزر العربية طنب الكبىرى وطنب الصغرى وأبو موسى ، وتزعم انها جزء من وحدة ترابها القومي ولم يهب العرب وامريكا والغرب لإستعادتها ،واحتل بوتين ابخاسيا من جورجيا والقرم من اكرانيا ولم ينصر أحد اكرانيا.
فاضل البراك



وفي النهاية:
إن المقترح لم يكن بمبادرة من الدكتور فاضل البراك، بل من الاستاذ عبد الملك ياسين وبخط يده والفضل له.
هل تبنى الدكتور فاضل المقترح؟ نعم. كان يشارك في الجدل فيه وليس مستمعا وكان يدلي برأيه ولم أشعر بانه غير معني بما كنا نتداول فيه.
لقد كان في وسعه أن يشير إلى عدم جدوى تقديمه إلى الرئيس لإنه كان يعرف مسبقا ما هي عواقب تقديمه عليه وعلينا، ولكنه لم يفعل ذلك.
ولقد كان في وسعه أن لا يحمل المقترح إلى الرئاسة بسبب أن بعض الاعضاء كان لديهم تحفظ ، ولكنه آثر أن يرفعه إلى الرئاسة.
لقد كان يدير الجلسات بفن لا يتعذر على أي عضو في اللجنة أن يدرك بأن مثل هذا التوجه في التفكيرغير مقبول عند دكتور فاضل.
إن مقترح الانسحاب لم يُوضع أمام أعين الرئيس صدام حسين.
هل إن الدكتور فاضل أعدل عن ذلك بعدما أدرك أن فرصة قبوله يائسة، وهو رجل سبر بحكم مهنته قراءة المناخ الذي ساد حينها. هذا ما اميل إلى الأخذ به.
هل إن عبد حمود أسدى له نصيحة بأن لا يعرض المقترح. ليس لدينا ما يهدينا إلى الاجابة على هذا السؤال. ولا يصح الافتراض بأن عبد حمود لا يطلع على المذكرة قبل أن يعرض البريد على الرئيس حسب سياقات أي سكرتير. لذلك، اذهب في هذا الاتجاه بأن عبد حمود حذر الدكتور فاضل من مغبة عرض المقترح. إن عبد حمود هو الأقرب إلى الرئيس مِنْ أي شخص آخر حوله ويكون حاضراً في أغلب لقاءات الرئيس مع الضباط وغيرهم. وقد ادرك موقف الرئيس من الانسحاب أو أي تلميح به كخيار. ولا يوجد بين عبد حمود وبين الدكتور فاضل ضغائن وخلافات ليغرر به لتقديم المقترح انتقاماً منه، وبذلك يكون قد أخذ بيد الدكتور فاضل بدون علم منه إلى حتفه. ولا ريب إن عبد حمود كان يدرك إن من بين العسكريين الذين يتحادثون مع الرئيس من الذين يفضحهم لمعان عيونهم و تبدو على وجوههم علامات عدم الرضا وعدم القناعة بما يسمعون من معاندة وكبرياء وغطرسة في قدرة العراق على مواجهة أمريكا والمجتمع الدولي. ولا ريب إن القادة العسكريون كانوا أكثر درية من الرئيس بالحال الذي آلت إليه القوات العسكرية العراقية بعد حين قصير من الحصار. ولا ريب إنهم كانوا يخبئون الحقيقة المرة.
ومثلما نحن أعضاء اللجنة لم نتمسك برأينا ونحث الدكتور فاضل على أن يفعل ما ينبغي عليه أن يفعله كرئيس للجنة أن يعرض القرار على الرئيس، فإن القادة العسكريون تقع عليهم مسؤلية تاريخية أيضا كونهم آثروا الصمت على النطق. فلا أحسب لو كانت هناك حوارات مكشوفة وشفافة في اجواء اعتيادية يأمن المتحدث فيها على نفسه وعلى الذين يشاطرونه الرأي لما تردد نفر من الضباط الكبار بتحذير الرئيس من خطوات خطيرة اتخذها مثل الحرب على الكويت أو جدوى الانسحاب. إن التشاور مع عدد قليل من الذين حوله والاخلاء والمخلصين له مهما فعل والذين لا يمتلكون القدرة على اسداء النصح السديد لا يتعدى كونه اسماعهم بما كان يروم القيام به. وكان يترقب من سامعيه أن يكبروا فيه ويهللوا له على الاقدام على مثل هذا الفعل. ويبقى الافتراض هو لو ضحى قائد عسكري بحياته وحذر الرئيس من القيام بالحرب على الكويت، ثم حذى حذوه آخر، لأعدل الرئيس عن فعلته.
ولنا دالة في حادثة احتلال الراين، التي كانت تحت الوصاية الفرنسية بعد الحرب العالمية الأولى، من قبل القوات الالمانية في 1936 على جرأة ابداء الرأي من قبل العسكريين، فعندما غامر هتلر وأمر باحتلال الراين حذرته القيادة العسكرية العليا بأن لا قدرة للقوات الالمانية على مواجهة بريطنيا وفرنسا. ولحسن حظ هتلر لم تتحرك بريطانيا وفرنسا، ومع ذلك، نهضت القيادة العسكرية بدورها فأبدت برأيها. وليت القيادة العليا العسكرية فعلت ذلك. ولكن مَنْ هي تلك القيادة العسكرية العليا لتفعل ذلك؟ أكانت حقا قيادة عسكرية عليا بما تعنيه؟ كانت تتكون من حسين كامل، الذي لا صلة له بالعلوم عسكرية لا من قرييب ولا من بعيد قط، وعلي حسن المجيد الذي درسته في كلية الدفاع في جامعة البكر وكان أمره كذاك الذي جاءوا به من بعد تحصيله في الابتدائية إلى الدراسات العليا ليسمع في الاستراتيجية والتخطيط والسياسة الخارجية والسياسة الدولية وفن إدارة الدولة، وسبعاوي وقصي وهم الجدار العائلي للرئيس. وجميعهم عسكريون اسماً وفي القيافة ولا يفقهون في الشئؤن العسكرية شيئأ قط، أما الفريق الركن إياد الراوي فليس من طبعه الاعتراض كما أرى. لقد درسته في كلية العلوم السياسية المسائية ولم أر منه إلا الوداعة والعفة والسكينة، حتى إنه لا يثير سؤالاً. والفريق الركن حسين رشيد الذي لا أظنه يجرأ على غير قول نعم سيدي أمام الرئيس.
هل إن محاولة تقديم المقترح من بين اسباب إعدام فاضل البراك؟ لكل امرىء فرصة أن يخلص إلى جواب. والرأي عندي نعم. إنها القشة التي قصمت ظهر الجمل. لو كان دكتور فاضل على علم بأن مصيره هو الهلاك بتهمة لا تجد لها مصداق عند عاقل، لكان من الفضل الكبير له أن ينذر نفسه للعراق بتقديمه المقترح فعسى ان يراجع الرئيس تعنته واصراره على البقاء في الكويت، طالما أن النتيجة كانت واحدة سيان قدم المقترح أم امتنع.
ومرة أخرى اسأل هل كان الرئيس صدام حسين سيأخذ برأي اللجنة بالانسحاب من الكويت لو كان قد عُرض المقترح عليه؟ الجواب عندي كلا يقيناً.
لا علم لي لماذا استُبعد دكتور فاضل من رئاسة اللجنة . تولى سبعاوي، الذي كان مدير جهاز المخابرات، رئاسة اللجنة وكان عددها قد توسع بالتحاق عبدالجبار الهداوي ، سفير سابق، وسمير عزيز النجم، من الاشخاص الذين شاركوا في عملية إغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم، ودكتور مازن الرمضاني استاذ جامعي. وافتقدت اللجنة بهذا التوسع وأسلوب إدارة سبعاوي كثيرا من قيمتها.
لم يعد للجنة أي دور فعلي في الاتيان بمقترحات بناءة. ولم يعرض عليها قضايا لإعطاء رأي فيها. ولم يبادر سبعاوي في إثارة مسائل بذي نفع.
في 3 تشرين الأول 1990 صدر كتاب من ديوان الرئاسة بإعفاء اللجنة مع تقديم الشكر لأعضائها.
فاضل البراك








فاضل البراك ولجنة الإنسحاب من الكويت دكتور كاظم هاشم نعمه - ج4


فاضل البراك 

لحلقة الرابعة من يومياتي... انا والرئاسة.
طارق عزيز تحت عين المراقبة
لم يكن طارق عزيز صاحب حصانة تامة وثقة مطلقة عندالرئيس. والشاهد على ذلك ما جرى لطارق عزيز على يد سبعاوي عندما كان رئيس جهاز المخابرات ورئيس اللجة الاستشارية للرئيس بعد استبعاد الدكتور فاضل. في احد الاجتماعات الاعتيادية جلب سبعاوي معه ملفا. جلس وعرض وجهات نظرغير متماسكة كأنه يوحي بأنها هي المرشد للعمل، فأخرج بضعة اوراق وقال هذه التحقيقات التي أجريت مع طارق عزيز وطلب الرئيس أن تتطلعوا عليها. سلمني الاوراق لإقراها وجرت العادة ان أقرا ما يرسل الى اللجنة للاطلاع عليه أو ما يطلب منها دراسته. وقد جاء اختياري في جلسة سابقة كان رئيسها فاضل البراك لقراءة نص قضية كانت الخارجية قد بعثت دراسة فيها الى الرئيس الذي بدوره طلب منا إبداء الرأي فيها، وكان الرئيس يفعل ذلك دون علم طارق والخارجية حتى أن وقعت مناقشة في قضية وارجع الرئيس موقف اللجنة الى الخارجية، كما سوف اتناوله فيما بعد. وكان سمير عزيز النجم قد انضم الى اللجنة ويجلس أمامي. ويبدو إنه كان يستحسن طريقة كلامي واللهجة الفصحى التي التزم بها من رفع وجر ونصب، حتى إنه شبه نبرة صوتي بما كلن يراه متماثلا مع طريقة الجواهري، فطلب من فاضل ان أقرا النص، وهكذا جرى الأمر فيما بعد.
كان في الاوراق مقابلة بين طارق ولجنة من الجهاز برئاسة سبعاوي. وهي تحقيق في قضية خطيرة جدا في نظري. فمن طبيعة الاسئلة التي وجهت إلى طارق عزيز لا يصعب على اي إمريء مهما كان مستوى تعليمه ان يبلغ ما بلغته من استنتاج في حينه. ولا شك غن هذه القضية تلقي بظلالها على ما كان سوف يتعرض له البراك فيما بعد. فقد اتهم جهاز المخابرات طارق بأنه إما يتواطأ او يتعاون أو يتعاطف أو يتهاون مع جهات أمريكية صيهونية. والادلة على ذلك أن طارق عزيز عندما كان يقوم بزيارات للولايات المتحدة في نطاق مناقشات قضية العراق في مجلس الأمن للأمم المتحدة، كان يسمح لصحفيين إسرائيليين أو مؤيدين لإسرائيل أن يحضروا مؤتمره الصحفي ويستقبل منهم أسئلة ذات صلة بإسرائيل. ومن تجربتي في المشاركة في وفد الى بلد اجنبي أو دعوتي إلى مناسبة في سفارة أجنبية فإن الجهاز تكون له عيون، فيرسل مع أي وفد إلى الخارج شخص من الجهاز يعرف الانكليزية أو لغة البلد الذي يذهب اليها الوفد. ومن بين مصادفات أن احد المصاحبين للوفد كان تلميذاً لي فكنت اخاطبه بالأسم الذي الفته، فجلب انتباهي إلى إن اسمه ليس هذا الذي اناديه به ففي الجواز له اسم آخر. فصرت اناديه"أكلك" دون اسم. وفي حالة الخارجية لا استبعد أن بعض الموظفين في السفارات من جهاز الأمن يحملون صفة منصب سياسي او غيره.

فاضل البراك

ومن خلال قراءة النص ترسخت عندي قناعة بوجود وهن عضوي في آليات التعامل مع الاحداث وفهم وتحليل ما تنتهي إليه من معلومات. وإن نظرية المؤامرة أوالتواطؤ كانت المفتاح المباشر والحاضر للإجابة على التساؤلات العصية التي لا يتمكن المعني بها من تحليلها، لذلك فإنه يحيل الأمر إلى التدبر السري ويعفي العقل من الاجتهاد في النظر بعمق في الأمر. وكان الاستنتاج بأن طارق متهم من شواهد هزيلة وغير منطقية وتفتقر إلى الحجة التحليلية. فمنها كيف سمح طارق لمثل هؤلاء الصحفيين أن يدخلوا الى قاعة المؤتمر؟ وهل كان على اتفاق مسبق معهم؟ وهل إطلع على الآسئلة التي كانت سوف تثار؟ ولماذا اجاب على الاسئلة التي وجهت إليه؟
كم غريبة وضحلة وغير منطقية هذه الآسئلة؟ وكيف صِيغت؟ ومَنْ هو الذي يريد أن يستحصل على اجوبة عليها من المتهم؟ إن هذا دالة دامغة على جهل كبيرأو قصور في الادراك. ايتوقع صاحب هذه الاسئلة أن يجيب عليها الطرف المتهم بنعم مباشرة بأنه يعلم من كان هولاء الصحفيين، وإنه أعطاهم الرخصة للحضور الى مقابلته الصحفية، وإنه دبر الأمر معهم سرا على اثارة هذه الاسئلة. وبهذا يكون قد سعى بقدميه إلى حتفه. ومع ذلك، فبعض الحق مع المحقق. إن تنشئته الاجتماعية والسياسية والمهنية وحياته السياسية تحجبه عن ادراك إن هناك حياة سياسية أخرى سليمة ومتطورة، غير التي تمت تنشئته فيها ويؤمن بها إنها الصائبة والحميدة. لذلك تعذر على المحقق أن يستوعب أن ما نسلكه في العراق في اللقاءات من حيث الاختيار والتقييد على حرية القول والاستفسار والمسآلة والعقاب لا يسري على جميع البلدان وخاصة أمريكا المشهود لها في حرية الصحافة والتنوع والشفافية. ولا استطيع الاجابة على مسألة هل هذه الاسئلة صاغتها الدائرة المعنية بأمريكا في الجهاز، التي يفترض فيها أن تكون على ثقافة كافية بالنظام السياسي الأمريكي والغربي، أم إن سبعاوي اثارها بنفسه لغاية في نفس يعقوب. كان دفاع طارق عزيز مفعماً ويخرس كل من عنده لسان ليحاججه، بل يهينه ويقول له بصورة مباشرة إنك جاهل وحري بك أن لا تكون في هذه الوظيفة. لم ينتقص طارق من اسئلة المحققين بل يثني عليهم رصد مثل هذه الحالات، وكان بذلك يسخر بأدب.. كانت اسلحة بيده يسدد نيرانها على صدر خصمه من الجهاز. ولا علم لي مّنْ يكون هذا. جاءت اجوبته لتشرح لهم وتفسر بعناء كبير أن هناك أصولا وقواعد في الحياة السياسية للغرب، وكذلك في الحياة السياسية الدولية ، خاصة في الأمم المتحدة حيث يمارسها العالم كله. ويجب أن نلعب حسبما تقتضيها تلك القواعد والأصول، وكان يقول لهم لست انتم أوانا الذي يضعها ويأمر اللاتزام بها. وليس من حقنا أن نتصرف معها حسبما يحلو لنا و رغباتنا أو مزاجنا وممارسة المسؤلين العراقيين وكما نفعل في بلادنا. إنه الملعب وهذه قواعد اللعب فيه، فإما تلعب أو لا تلعب. إن الأمر لك.
فاضل البراك

كانت تساورني أسئلة في ذهني وأنا أقرأ. واعضاء اللجنة ينصتون ولا يقاطعون أو يستفسرون. لا شك أن الدهشة اخذتنا جميعا. لم يكن من الممكن عليّ ان استرق لحظات لأفحص التفاعلات على وجوههم. أحقاً يقع مثل هذا الامر؟ أيسمح الرئيس لمثل هذه المسرحية أن تنفذ على أهم وأقرب رجل عنده في السياسة الخارجية؟ هل كان في قرارة نفسه يساوره الشك في نوايا وسلوك طارق عزيز؟ هل كان يريد أن يظهر لطارق إنه غير معصوم؟ وهل كان ينوي اخباره بان سلوكه مراقب؟ وهل ليعلمه أن هناك عيونا ترصده؟ هل كان يريد أن يعطي درسا للمقربين منه بأن لا أحد بعيد عن عدسة الرصد؟ هل كان يريد تأديبه لفعل كان يتوجس أن طارق كان سوف يفعله، فأراد ان يستبق الفعل بالتذكير بالعاقبة التي ترتقبه بأشد قصاص له ألا هو الإعدام لإتهامه بالخيانة؟ لا اعتقد أن سبعاوي يجرأ على اجراء تحقيق مع طارق عزيز دون أن يأذن له الرئيس. اظن ان الأمر بإجراء التحقيق مع طارق عزيز مبادرة من الرئيس ضمن استراتيجية او تكتيك المباغتة او الاجهاض لفعل يبيته صاحبه.
إن اجراء التحقيق من قبل سبعاوي فيه إهانة وإذلال لطارق عزيز. أيعقل إنه يتواطأ مع اسرائيل؟ وليس من الغريب أن يستنتج المرء ذلك، فهذه أيسر حجة و أجداها في معاقبة الذي يتهم بها. فسبعاوي أخ الرئيس بمعنى أن صدام مطمئن لما ينقل إليه سبعاوي على الرغم من ضعف درايته بالسياسة الخارجية وفنها وسلوكها. هنا تأتي المشكلة بمَنْ يثق الرئيس صدام حسين؟ أيثق بما يعرضه عليه سبعاوي من معلومات أم ما يقدمه طارق عزيز. وشتان بين الاثنين من حيث المصدر والفهم والتحليل وصوغ الخيار لكل من سبعاوي وجهازه وطارق عزيز الفرد المساوي للجهاز في الشؤن الخارجية. ثم لماذا أراد الرئيس أن يطلعنا على التحقيق؟ هل هو طلب من سبعاوي وبقناعة منه أن يعرض التحقيق علينا؟ ام أن سبعاوي جاء بالتحقيق بنفسه ليظهر لنا إنه قادرعلى التحقيق حتى مع طارق عزيز ليبرهن مدى سلطانه ؟ أسئلة مفتوحة للاجتهاد كلٌ بما لديه من معلومات وفن التحليل. لقد شهدت هذه المسآلة لطارق عزيز على ان دكتور فاضل جرى له ما جرى على من قبله، أعدم الثاني وبرأ الأول.
الاعلام والتضليل في القدرة على الانتصار
أصبح العراق يناور لإطالة احتلاله للكويت. ولم تبادر اللجنة بمقترحات ذلك إن التوجه العام كان الاستعداد للمواجهة. وغلب التفاؤل الوهمي على التقديرات الواقعية. وقد روجت وسائل الإعلام الرسمية إمكانية الانتصار.
دعيت لحضور لقاء تحدث فيه لطيف نصيف جاسم الدليمي، وزير الإعلام، وكان الحضور من أساتذة وصحفيين. وسعا الوزير إلى تبرير الوجود في الكويت في إطار التبعية التاريخية للكويت الى العراق في العهد العثماني، وإن السياسة الاستعمارية البريطانية هي التي فصلت الكويت عن العراق. وكانت هذه التفسيرات تجد لها ما يؤيدها. فقد حاول الزعيم عبد الكريم قاسم في 1961 ولم يفلح وتسببت خطوته في استقلال الكويت. والغريب في الأمر إن الوزير كان واثقا من الانتصار على أمريكا وحلفائها. وخاطبنا بأن العراق والقيادة والحزب قد دحروا" الجبة"، وفي ذلك إشارة الى الانتصار على إيران الاسلامية فما بالك ب" الميني"وأراد بذلك الغرب. قد يسأل المرء هل هذه هي حقا التصورات التي كانت القيادة السياسية والقيادة القطرية تتداولها فيما بينها حتى غدت قناعات حتمية، أم إن هذه الفكرة كان يتغنى بها الرئيس نفسه نتيجة القناعة الشخصية بأن العراق سوف ينتصر. وكان الوزير بلقائه يحاول توجيه الإعلام نحو التطرق إلى حق العراق في الكويت والصمود في وجه المجتمع الدولي الذي أخذ يتجمع في اتجاه الدعم للسياسة الأمركية في اللجوء إلى القوة لإخراج العراق من الكويت.
فاضل البراك

تدارست اللجنة كيف في وسع العراق ان يشق صف التحالف الذي شرعت أمريكا في حشده ضد العراق. ولم يكن بين يديها من خيارات عملية يتوقع منها أن تاتي بثمار. فبعد عدول العراق عن قبول التوسط السوفيتي والفرنسي بالدعوة للانسحاب لم يبق بيد البلدين من وسائل للضغط على واشنطن فاختارا النأي بالنفس عن المشاركة العسكرية، كما أن ليس بيد العراق ما يقدمه لإغراء السوفيت على استخدام الفيتو. فقد اتجهت البريسترويكا إلى الانصراف الى الاوضاع داخل البيت السوفيتي، والتخفيف من حدة الحرب الباردة التي انهكت الاقتصاد السوفيتي وعطلت التنمية، وكان الكرملن يجهد لتخفيف التوتارات الدولية ويقلص انغماس الاتحاد السوفيتي في الازمات، ويتفادى التورط في النزاعات الإقليمية.
لم يكن أمام العراق إما الانسحاب وإما المواجهة مع المجتمع الدولي الذي تقوده أمريكا. وطالما أن الرئيس صدام حسين قد عقد العزم على المواجهة، من افتراض هزيمة إيران، وإن المعركة مع التحالف الدولي لا تشط عن معركة باستراتيجية " يتكاون" بجميع ما تنطوي عليه هذه المفردة المركبة والمعقدة، فإن الأمر قد حسم. يتعذر على المرء أن يعقد المقارنة بين استراتيجية قيادة سياسية خاضت حربا لثمان سنوات وامتحنت في تدبيرها وافلحت في الانتصار فيها وتراكمت لديها خبرة وبين استراتيجية خوض حرب بقوة مشلولة ضد تجمع دولي تقوده أعتى قوة عسكرية في تاريخ العالم المعاصر، وبين حجة الدفاع عن النفس وبين حجة استرداد الحق.
الدعوة إلى الانسحاب
تقدم الاستاذ عبد الملك ياسين بمقترح أن تعرض اللجنة فكرة الانسحاب من الكويت على الرئيس. وقد كتب المقترح بخط يده. السؤال هو ما الذي حدا بالياسين إلى تقديم مثل هذا المقترح؟ هل الرأي من بنات اجتهاده؟ هل تشاور مع البراك على انفراد؟ هل اعتقد أن اعضاء اللجنة سوف يسيرون معه؟ ألم يكن سفيرا ووكيل ورارة خارجية ويعرف أكثر من أي عضو في اللجنة عن شخصية الرئيس صدام حسين ؟
لم يعترض دكتور فاضل على المقترح، بل كان مع مناقشته. وكان دوره في رئاسة الجلسات يثير التقدير. فقد حرص على أن لا يعرض رأيا شخصيا غير الذي يأتي به من الرئاسة فيطلب بحثه وهو الأمر الذي يدل على إنه ما كان يرمي إلى تمرير اراء إلى الرئيس ليس هو بقادر على حملها له مباشرة. وكان لا يُحَذِر من فكرة قد تناقش من افتراض انه يعلم أنها قضية محسومة ولا مجال لخوضها. وكان يستمع أكثر مما هو يتحدث. وكان يظهر التقدير والاحترام حتى يبدو عليه أنه يتعلم، وهو لديه من المهارات والخبرة والمعلومات يبز فيها أيا منا.
هنا يسأل المرء هل كان هو مع الانسحاب؟ هل كان يعلم أن مثل هذا الرأي سوف يجد له إذنا صاغية؟ هل سوف تحمل الرئاسة المقترح على إنه من صلب نشاط اللجنة، لأنها كانت قد قدمت مقترحات غير تلك التي تطلب منها الرئاسة دراستها؟ هل أراد أن ينقل رأيه إلى الرئاسة عبر موقف اللجنة، وليس من موقعه الرسمي، لكي يعفي نفسه عن المسآلة؟ ألم يعلم إنه قد استبُعد من جهاز المخابرات وإن سبعاوي حل محله وبينهما ما بينهما؟
تناقشت اللجنة في الأمر. كان الرأي عندي إن الانسحاب من الكويت لا يعني اجتثاث النفوذ العراقي وتطويق العراق. واستشهدت بالسياسة السورية في لبنان. فقد حافظت سوريا على هوية لبنان كدولة بيد أن تصريف الأمور فيها كان يقع من خلال سيطرة سورية باجهزة أمنية وغيرها، ولم يستدعي الأمر من سوريا احتلال لبنان بذريعة تأمين الدفاعات السورية في وجه إسرائيل. وإن للعراق أذرعا اجتماعية وسياسية مؤيدة له في الكويت



موضوع علاقتي بالدكتور فاضل البراك صباح يحيى الحمداني


                                 
فاضل البراك 


لامن العام بعد 1973
 بعد محاولة ناظم كزار الانقلابية في 30-06-1973 , اصيب جهاز الامن برمته بالتجميد المتعمّد من قبل صدام حسين 
فهذا الجهاز الذي كاد أن يقتل ويبيد العشرات من قيادة الحزب والثورة وكاد أن يطيح بالرئيس المرحوم البكر وبنائبه صدام  , تقرر تجميده وجعله شبيه بالشرطة المحلية وشرطة المرور , كيلا يصلوا مجددا الى القدرة على التشويش على الحزب والثورة .


بد الخالق عبد العزيز مديرا للامن العام  - 1973-1977
وهو  من اهالي الموصل :
وكان معاون مدير الامن العام للشؤون العامة  في زمن ناظم كزار وهو رجل وقورواداري وملتزم في اداء عمله امام مرؤوسيه في الداخلية .
وهكذا بقي جهاز الامن حتى مجيء الدكتور فاضل البراك مصاب بالشلل التام والعام . 

مدير الامن العام فاضل البراك - 1977-1984
 في الشهر الاول من عام 1977 التحق فاضل البراك  مديرا للامن العام : 
وبدا فاضل البراك  فعليا في بعث وتطوير وتحفيز العمل الامني , وعاد الجهاز يعمل بقوة وفرض حضوره في واجباته وعمله الامني ,
وكما فهنا وتوضّح لنا ان فاضل البراك كان همه الاول وديدنه مذ ان وضع قدمه في مكتب مدير الامن العام 
هو اسقاط وتحجيم وتهميش الحزب الشيوعي { شريك الجبهة الوطنية }أنذاك
وحسبما فهمنا  : ووردنا مباشر من خلال لقاءاتنا المتكررة مع البراك !
ان  صدام حسين لاحظ ان الحزب الشيوعي العراقي اخذ يمارس دورا فعالا في الجبهة من خلال اعضاءه ومقراته المنتشرة في العراق , واخذ يمارس النقد العلني ومتابعة الاخطاء في ميادين الحكم والحياة .
مما ساهم في كسب الالاف من المناصرين والمؤيدين للحزب الذي اعتبر نفسه { مراقب ومصحح لاخطاء البعث} , 
لهذا اعتبر صدام ان هذا خطر كبير سيؤدي بحزبه وتطلعاته ! فالناس والعباد كثيرا ما تهوى التعارض و مخالفة الرأي للوصول الى اهدافها وطموحاتها ! عندها قرر صدام ان يعالج استفحال هذا الامر بسحق وتحجيم الحزب الشيوعي .
                                          


فاضل البراك مديرا للأمن العام  يشهر سلاح ذبح الحزب الشيوعي !
ومع استلام الدكتور فاضل البراك مسؤوليته { مدير امن عام } عام 1977 بدأت توجيهات
 جديدة لكافة فعاليات الاجهزة الامنية للقضاء على نشاطات الحزب الشيوعي وتحجيمه بشكل اضطرادي: 

فاضل البراك يزور مديريات الامن ليحثّ على اسقاط واحتواء قواعد الحزب الشيوعي :
وبناءا على التوجيه الجديد . تلقينا زيارة منه لمحافظة نينوى في 1977 وكان بمعيته 
ضباط الاختصاص ومنهم  الملازم عبد العزيز عبد الصمد الراوي آنذاك { من ش1 وهو متخصص بمتابعة الحزب الشيوعي } في العراق , 
وبعد انتهاء فاضل البراك من توجيهاته العامة , وتحدث فيها نصا عن ضرورة السيطرة وكشف قواعد الحزب الشيوعي
على ان لا تمس قيادات الحزب الشيوعي لان هذا يقلق السيد الرئيس { احمد حسن البكر } ونريد حزب شيوعي قيادات بلا قواعد . وتولى بعد ذلك عبد العزيز الراوي باعتباره { خبير متابع } من ش1 وهي الشعبة المعنية  بمتابعة ومكافحة الحزب الشيوعي   وركّز على ضرورة الاهتمام بعمليات { التشبيك } المبرمج على كافة قواعد الحزب , وبلّغ نصا { يجب ان يكون لدينا عين او أكثر في  في كل خلية للحزب الشيوعي - لتدميرها } . 
كان فاضل البراك يزور المديريات ليعقد اجتماعاته مع الضباط آنذاك . 
                                

علاقتي شخصيا بالدكتور فاضل البراك : 
كان الدكتور فاضل البراك , يتلمس الضباط المميزين ويرعاهم , وقد لاحظ هذا من خلال لقاءاته السنوية وزياراته للمحافظات ,
وكنت خلالها .. امارس واجبات ادارة { معاونية امن الاقضية + مدربا للجودو والكراتيه } حيث قمت بتشييد قاعة مخصصة للتدريب بالامكان تدريب 40 رجل أمن , وعلى شكل دورات متعاقبة .

اول لقاء خاص ومقابلة خاصة : { مقابلاتي }
كان سكرتيره الشخصي النقيب علاء التكريتي { وهو حمداني من اهالي تكريت } تعرفت عليه مُذ كنا في كلية الشرطة
وكان يستجيب لي باي طلب ’ اتقدم به للدكتور, ويساعدني في توصيل اية طلبات جانبية !
اتصلت به  ومن خلاله ليستحصل لي على مقابلة فاضل البراك مرتين : 





المقابلة الاولى :
 كنت قد فقدت مسدسي الاميري .. وهذا يتوجب الاحالة للمحكمة واي قرار يصدر علي من المحكمة يؤدي الى تأخير ترقيتي الى  رتبة اعلى . 
وفي المقابلة لدكتور البراك, عرضت عليه الامر وخشيتي من عواقب المحكمة , فقال  لي لن اسمح بمعاقبتك , وكتب لي ورقة مذيلة بتوقيعه معنونة الى مدير الميرة { العقيد يونس الليلة } مكتوب فيها: 
يكتب للمحكمة بالعثور على المسدس المفقود , ويهدى المسدس المفقود للملازم صباح الحمداني , ويجري تسقيطه من ذمة الدائرة } 
هكذا ببساطة !
وجد الحل وامر به واغلق التحقيق وسحبت الاوراق من المحكمة ! وفوق هذا كرمّني بمبلغ مالي في حينه.



 المقابلة الثانية : 
 بالصدفة في مدينة الطب جئت لزيارة زوجتي في مدينة الطب - قسم الولادة .. وعلى باب المصعد كان البراك ومرافقيه
ولولا ان شاهدني وعرفني لما سمح  لي مرافقوه بالصعود معهم في المصعد .. 
وسألني بذكاء وتذكّر ملفت ! قال لي { ماذا تفعل هنا  ملازم صباح وهل انت مجاز } قلت له نعم وزوجتي في المستشفى فوق , فقال لمرافقه .. اذهب مع ملازم صباح ليوفروا لزوجته كل ما تحتاج } وقلت له { سيدي ماذا تفعل هنا } قال زوجتي لديها حالة ولادة { لابنه البكر انذاك } فباركت له , وقال لي بكره تعال الى مكتبي في العامة . 

وفعلا في اليوم الثاني ذهبت لمكتبه في مقر الامن العام المجاور للقصر الابيض  ,وعند السكرتير , وجدت قصاصة بمبلغ { مالي } هدية لي } ولزوجتي 
فشكرته .وعدت للموصل
                        




المقابلة الثالثة : 
طلبت  مقابلة مدير الامن العام , عن طريق  السكرتير بعد ان اتصلت به فوافق البراك  وطلب حضوري للمقر العام وحضرت وكان لقائي هو شكوى ضد { مدير امن نينوى آنذاك العقيد عبد الله احمد السلمان }حيث ادار شغلة امنية في حينه واصابة احد اصدقائي من قبل مفرزة حدود سورية باطلاقات نارية كادت ان تودي بحياته,
وعند علاج ال وكيل  في حينه .. وكان يفترض ان نقدم له كل انواع المساعدات { زاره في المستشفى ووضع تحت رأسه مبلغ 50 دينار} ومن خلال علاقاتي مع ضابط الرواتب والمالية للدائرة { الملازم هشام } , عرفت انه قدم وصلا بمبلغ مرقوم - 500 دينار .. على اساس انه اعطاها هدية للمصاب ! وهكذا تتبعت الامر ! 
هذا هو الاختلاس .. وهو ظلم ذلك الرجل المعتمد  المصاب .. يعطيه 50 دينار ويسرق 500 وهو مدير امن ! 
وذهبت الوصولات الى القسم المالي في الامن العام { لصرف غيرها }
وذهبت انا الى مدير الامن العام .. فاخبرته بالتفاصيل{ وانا شخصيا كنت قد رأيت الوصل بام عيني عند ملازم هشام }
وقلت هذا بالتفصيل  لفاضل البراك ..هل هذا عمل امني ..؟؟ 




طبعا :
 قرار فاضل البراك .. قال لي { لا تتحدث الامر لاحد } وكافئني .. وقال سابعث بهدية 1000 دينار{ للمعتمد سعيد } من هنا !
واترك الامر علي وفعلا بعد اشهر تم نقل مدير الامن العقيد عبد الله احمد السلمان الى { العمل الاداري .. في الامن العامة !}حيث لا وصولات ولا عمل امني , ولا نهب من المساعدات !!

المقابلة الرابعة :
 قدمت دراسة مُسهبة عن { الحوزة العلمية الدينية الجعفرية في النجف } معتمدا على تفاصيل دقيقة من { المرحوم } الشيخ محمد تقي الموصلي التركماني } وهو معتمد ووكيل بيت  المرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي , وكان يزورني مع { العبد  الصالح } امام حسينية الشريخان - شمال الموصل وهي من القرى التابعة لعملي الامني .. وكان كل ائمة الجوامع او الخدم والمؤذنين مرتبطين بنا ونمحنهم مساعدات مالية ,

وهكذا بدأت معرفتي بالشيخ { محمد تقي الموصلي  } من 1978.. 
ومن خلاله عملت { دراسة تفصيلية } عن الحوزة وقدمتها للدائرة والى مدير الامن العام .. وقد طلبت الدائرة الاستمرار باقامة الصلة من خلال معتمد بيت { المرجع الخوئي } واستغلال زياراته للموصل , 
وكان الشيخ محمد تقي .. يرفض اللقاء باي ضابط اخر , ويريد الاستمرار بالتعاون معي شخصيا فقط وادامة الصلة  . 
وهكذا بدأت ابعث تقارير دورية ,عن واقع المرجعية , ولماذا يسيطر عليها العجم وما هو دور وامكانية تصعيد  العرب لاستلام زمام المرجعية وازاحة الفرس وتعريبها . 
هذه العلاقة .. 
هي التي سببت نقلي في تموز 1980 الى مديرية  امن النجف .لاستمرار العمل مع الحوزة عن كثب .
فاضل البراك مع الازيديه


فاضل البراك مع امير الازيديه


اخيرا: 
قدمت شهادات عن عملي في امن النجف لفترتين متتاليتين 
ما بين 1980 و1987 , وبامكانكم الرجوع لاهم محطات عملي آنذاك وضمنتها شهاداتي . 

رائد الامن المتقاعد 1989
صباح يحيى الحمداني