فاضل البراك مع الامير تركي الفيصل
يوميات الدكتور كاظم هاشم نعمة بشأن لجنة الإنسحاب من الكويت:
أمر الرئيس بتشكيل اللجنة3 و 4
فاضل البراك أعتمد أسلوباً مختلفاً في إدارة اللجنة عن سابقيه حاتم العزاوي وصادق شعبان
في الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن بعض الاحداث ذات الصلة بحرب الكويت، وعن وجود لجنة خاصة لم يعلن عنها، امر شخصياً بتشكيلها الرئيس صدام حسين، ترتبط به مباشرة، خلال السنة الاخيرة من الحرب العراقية الإيرانية. واللجنة تتألف من اربعة اعضاء اثنان دبلوماسيان هما الاستاذ عبد الملك ياسين وكيل وزير الخارجية الاسبق و الاستاذ عبد الحسين الجمالي رحمه الله، وكيل وزارة الخارجية الاسبق والاستاذان الاكاديميان الدكتور صادق الاسود رحمه الله والدكتور كاظم هاشم نعمة .
وقد اقترحت اللجنة الانسحاب من الكويت، لكن ملابسات كثيرة اعاقت أن يفضي المقترح الى التنفيذ. واثراءً لما تم كشفه يتناول الاستاذ الدكتور كاظم هاشم نعمة، عضو تلك اللجنة بالتوضيح، ما تلازم مع تلك التطورات التي تطرق لها البعض وقرأوا فيها ما ليس منها، فترتب على ذلك تفسيرات مختلفة، منها انها كانت من بين الاسباب وراء اعدام الدكتور فاضل البراك رئيس اللجنة وغيرها. وفيما يلي الجزءان الثالث والرابع من اليوميات.
{ لم يكن لطارق عزيز ميسرة او ميمنة ليناور بها في الحرب الإيرانية
{ الرئيس صدام لم يعر للحزبية والمذهبية اهمية عند إختيار أعضاء اللجنة
{عبارة حفظه الله المستخدمة في الإعلام تنزّه الرئيس بالنسبة للمتملقين وتنطوي على قدسية واجبة الإتباع
{ البراك يمتلك ذاكرة جيدة وواسع الإطلاع . وامتعاض القذافي منه سببه عدم تسجيل ملاحظات الجلسة
{عندما ترقيت إلى الأستاذية باغتنا البراك بزيارة وجرى جدل أكاديمي في قضايا عدة
{الخارجية لم تكن على علم بوجود لجنة تخوض في السياسة الخارجية تشكلت بأمر الرئيس وطارق عزيز حاول ضمها اليه
{الرئيس صدام طلب مني دراسة عن تأثيرات تفكك الإتحاد السوفيتي وأرسل قصاصة بهذا الشأن بيد البراك
تمثل امام ناظري السؤال الكبير لماذا قرر الرئيس تشكيل هذه اللجنة؟ وهو سؤال لا بد من أن يأتي عليه أي امرىء يجد نفسه في الحالة التي وجدت نفسي فيها دون قصد. ثمة أجوبة محتملة. إن تشكيل اللجنة في مرحلة متاخرة من الحرب قد يفيد بأنه كان يريد أن يتعرف على أراء غير تلك التي كانت تعرض عليه أو هي من بنات فكره، بيد أن هذا يعني إنه كان في قرارة نفسه يرى أن مدركاته للحرب وتطوراتها لا تزال فيها فجوات فلا مفر من ردمها بالاستعانة بخبرات ونظرات وعقول غير التي تلازمت مع الحرب منذ اندلاعها. وقد يكون إنه قد بلغ قناعة بأن ما تقدمه الجهات ذات الصلة بالجوانب السياسية من معلومات لم يعد بين يديها من حلول إبداعية للتعامل مع الاختناقات في الجهود البلوماسية والسياسية في تدبر الحرب. والراي عندي إن هذا حاصل يقينا. لقد كانت المعالجات صدى لما يفعله ويقوله ويدركه.
لقد استنفدت منابع التفكير في الخيارات في العملية السياسية لإدارة الحرب. فقد طُرقت جلُ الابواب العربية والدولية ولم تات بإيران إلى طاولة المفاوضات. ومما لا ريب فيه إن الخارجية، بل لنقل أن طارق عزيز هو المنافح في هذا الميدان وليس لديه ميسرة وميمنة ليناور بها. بيد إنه ليس من المنطق أن يكون أربعة متخصصين قادرين على أن يأتوا بما لا تأتي به جهات مثل الخارجية وجهاز المخابرات والحزب وكذلك الدائرة السياسية في الرئاسة والروافد الأخرى من الخارج. لقد زجت جميع الكيانات الخارجية في اقناع إيران للجلوس عند الطاولة ولم تثمر. فقد كان هناك مبادرات فردية من زعماء ورؤساء ومنظمات إقليمية واسلامية ونشطاء ووسطاء.
أعتقد أنه كان قد بلغ مرحلة من اليأس في إيجاد صيغة لإنهاء الحرب فقد أنهكت البلد ولم يعد هناك من أفق واحتمال لبلوغ النصر العسكري فكان يبحث عن مخارج اضافية قد تاتي بها اللجنة. ولا استبعد أنه أرادها كذلك. فقد أخبرنا حاتم العزاوي أن اللجنة تعمل باستقلال عن التاثيرات الخارجية. وإنها خاصة للرئيس. ولا يطلع على عملها سواه. وإن اللجنة سوف لن تكون علنية. ولا يصدر فيها قرار رسمي. كما إنه لم يتطرق إلى أي مكافأة مقابل جهودنا ربما لنكون اكثر حرية في غبداء الراي، طالما ان ليس هناك ما يدفعنا للحرص على تلك المكافاة.
لماذا لم يأمر بتشكيل لجنة من الوزراء الذين شغلوا منصب وزير الخارجية ووكلاء الوزارة ومن الحزبيين الذين واكبوا تطورات الحرب وعملوا في تنفيذ السياسة الخارجية العراقية؟ الراي عندي إن مثل هذه اللجنة سوف تكون صدى لإفكاره فقد جرت العادة أن لا يحيد أحد ممن كان قد تراكمت لديه من قناعات بأن هذه السياسة التي تعتمد في تصريف سياسة الحرب إنما هو المطلوب والمرغوب فيه، ولا اظن أن احدا يجرأ على أن يدلي بدلو غير ذاك الذي أخذ سياقه. النصر قادم. التدبر حكيم. والفرج قريب. لقد تولدت ظاهرة الاتكال على ما يأخذ الرئيس من قرارات. هذه هو داء المركزية الذي لا دواء له. غرفة نوافذها مغلقة على من فيها. وهو وحده. وقد يكون معه البعض ولكنهم لا يشاركونه لإنه لا يشاطرهم الفكر والفعل.
لماذا أعضاء اللجنة غير متساوية من حيث الانتماء المذهبي؟ سؤال قد يحسبه البعض ليس بذي مغزى، وله الحق في ذلك، ولكن لأأخذ بيده إلى تفرعات هذا السؤال.وهذه مسألة ذات دلالات عديدة. لقد كنا ثلاثة من الشيعة هم عبد الحسين الجمالي ودكتور صادق الأسود وأنا.. أي ثلاثة مقابل واحد. يؤشر هذا إلى إن الرئيس لم يعر للمذهبية أهمية في دور حساس كهذا. وربما إنه كان مطمئنا إلى إن ليس من بيننا الذي يتلون فكره باعتباراتت مذهبية. وقد يكون الأمر في إنه كان يرمي إلى معرفة ما يقدمه الشيعة من نصح في الحرب ضد إيران. وهذا رأي ضعيف لأنه ليس به حاجة ألى التثبت من موقف الشيعة. فقد كانوا وقودها في الميدان لإنهم هم العامود الفقري والمعين للقوات المسلحة تاريخيا من جميع الصنوف والمراتب ما عدا الضباط. فقد كانت حصتهم من الضباط بكل المراتب لا تتناسب مع الكتلة السكانية من ناحية وبعددهم في الجملة من الناحية الثانية من خريجي الثانوية.
القولُ “بما لا تشتهي السفنُ” وربانُها
في بداية عمل اللجنة كان حدسي إن الرئيس أراد أن تنتهي إليه أراء مستقلة. وهذا هو الراجح عندي. ولهذه الاسباب في تقديري.
السبب الأول، إننا الثلاثة ليس لديهم ارتباطات حزبية حسب علمي ولربما أن عبد الملك ياسين هو الوحيد الذي له علاقات بالحزب في مرحلة من حياته. ويغلب اليقين عندي على الشك في كون الجمالي حزبي فهو من السلك الدبلوماسي التقليدي الحرفي منذ نهاية الاربعينات وعمل في الخارجية تحت جميع أنظمة الحكم، أما صادق الأسود فليس بعثيا. كانت افكاره أكثر يسارية كما كان يُشم منها في طروحاته. أما أنا فقد مررت بمراحل العمل الوطني، أي أنني ليس بعثيا في الاساس، بل مستقل، اغرف من ادبيات متنوعة تتلون بإيديلوجيات ولكنها واقعية وحذرة، ثم أصبحت مؤيدا لسنين ثم رقوني بقرار منهم إلى نصير. وهذا ديدن كل من هو ليس بعثيا بالانتماء عن قصد وهم الاكثرية.
والسبب الثاني، إن عمل اللجنة لم توضع له توجيهات من الرئيس أو من رئيس اللجنة. وهذا أمر شديد الخطورة والخطر. فقد ترك الأمر لها في تدبير شؤؤنها من حيث اللقاءات والحوارات والاقتراحات. وهذه علامة عافية في عمل اللجان الاستشارية. فليس من المنطق أن يتم تشكيل لجنة ثم توضع لها المسارات والحدود والسقوف والممنوعات والمسموحات والمحرمات، خاصة ونحن قد تمت تنشئتنا على تلك اللافتات ” ممنوع الدخول منعا باتا بأمر المدير”. ومع ذلك، لم يكن لها حرية طلب المعلومات بشان القضايا التي تدرسها، بمعنى انها تُركت لتعوم في مياه غير محددة. ولم يُقرر من هو الربان. وهذه هفوة. ويقع بعض منها على اعضاء اللجنة إذ لم يتقدموا بطلب إلى جهة معينة لمدها بمعلومات. والأمر الذي حال بيمها وبين ذلك إن اللجنة ليس لها عنوان و لا صفة رسمية ولا مكتب ولا سكرتيارية. والكثر من هذا إنها لجنة غير معلن عنها، فلا تستطيع مفاتحة جهة ما بأسمها.
ثانيا، لم يكن تصورنا بأننا نكتب دراسات، بل نقدم افكاراً ابداعية ليس كتلك التي تتداولها الجهات الرسمية في تفسير مواقفها، فتمجد ما تفعل، وتغالي في انجازها، وتبرر تعثرها. والتفسير غير التبرير.
ثالثا،، لم يُطلب منا أن يكون الراي بمبدأ الاغلبية في ترجيح الرأي الاستشاري، لذلك كان أمامنا أن نعمل بالتوافق وفي هذا الاسلوب من العمل بعض العيوب. أولاً، لا يحظى الراي المختلف بالتاييد من الآخرين إلا بعد مشقة الاقناع. ثانيا، لم نحبذ أن نصبح فريقين في التفكير بل حرصنا على الانسجامية. فنحن اربعة ولا يصح أن يكون ثلاثة مقابل واحد، ومع ذلك، كان يقع أن نختلف ونأتي على ذلك بالقول ” وهناك وجهة نظر اخرى.” وهنا يأتي دور رئيس اللجنة. وهذا أمر منوط بما لديه أن يزيد وينقص. ولا تصح المقارنة بين فاضل وسبعاوي. ماءان في إنائين، وليس ماءً واحدا في إنائين. ومغرفتان مختلفتان.
السبب الثالث، إن اعضاء اللجنة ليس من الحزبيين فليس على قولهم رقيبٌ أو يخشون من توجيهات حزبية أو تراكمت لديهم عادة المخافة من العواقب المترتبة على الخروج على الخطوط الحمر وهي كثيرة.
والسبب الرابع، إن اللجنة لم يكن عليها قيود على حرية التفكير. وهذه الحرية مسألة مهمة جدا في العمل الاستشاري. إن غياب الحرية في التفكير يضيق على صاحب الرأي أفقه في النظر. وكذلك يصبح محبطا لأن الفكرة الواحدة يلوكها ويهضمها الاعضاء. وإن الحرص على الانسجام يغلب على أهمية الاختلاف. لذلك يصبح التفكير في القواسم المشتركة وليس المختلفة ومن ثم الترجيح بينها بعقلانية ومنطق ان هذا هو الراي الصائب وفي الغالب إنه ليس كذلك. لقد كان في وسع أي عضو منا أن يجلب الانتباه الى مسالة في السياسة الخارجية ثم يثار فيها النقاش وتخلص إلى بلورة رأي يرفع الى الرئاسة عبر رئيس اللجنة.
فاضل البراك مع وفد غربي |
لقد كانت مسألة حرية التفكير تشغلني لإني كنت أخشى أن ما نقوله قد يترتب عليه تقييم سلبي وله عواقب غير حميدة. فطلبت شخصيا من الدكتور فاضل البراك أن يستوضح الأمر من الرئاسة نفسها وليس باجتهاده الشخصي. أخبرني أن الجواب كان مباشرا “إن الرئيس يريد للجنة أن تفكر في هواء طلق فيه اوكسجين بنسبة مئة بالمئة”. كانت هذه عبارة مباغتة بالنسبة لي. أحقا يريد الرئيس أن يسمع آراءَ ترفع إليه ويأخذ بها ؟ لقد اعطت هذه الملاحظة لي الفرصة لقول “بما لا تشتهي السفن” بقدر المستطاع وليس المسرف في التنعم بهذه الحرية ” والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما”.
في العادة دأبنا خلال السنين نحن الذين يسهمون في النشاط الاعلامي كل من حقل اختصا أن نكتب ونحلل بما يروق للسلطة. والحقيقة إن المناخ السياسي قد خلق في داخل كل واحد منا شرطياً للسلطة يلحظ كل فكرة قد يراها واجبة الذكر من دونه. فلقد ابتدع الكتاب في الاعلام عبارة ” حفظه الله” عندما تأتي على ذكر الرئيس وهي دالة على الولاء له وللسلطة، كما إنها نوع من التنزيه، بل لربما عند المتملقين ذات قدسية واجبة الاتباع. وكنت احرص على ان أعفي نفسي قدر المستطاع من هذه العبارة وذلك بالمخاطبة الجماعية بعبارة القيادة السياسية، عندها ليس أحد منهم يسري عليه التمجيد ” حفظه الله”. وفي إحدى المرات أخبرني سعد البزاز وكان حينها رئيس تحرير جريدة الجمهورية وكنت اكتب فيها دراسات في التطورات في السياسة الدولية بإن التوجه الجديد في الاشارة إلى القوى الكبرى ليس بالضرورة أن يميز فيها الاتحاد السوفيتي بل يندرج فيها وفي هذا دالة على امتعاض بغداد من بعض مواقف الكرملن، وفيه اشارة إلى المساواة بين جميع عواصم القوى الكبرى في موقفها من العراق.
لقد كانت تهيئة الافكار تقع عليّ وعلى الجمالي. لقد كنا نسكن في شارع واحد في الداودي. وكنت ازوره لصياغة المقترحات. فظروف بيته أكثر استعدادا لإنفرادنا في التباحث في الورقة المعدة. كما إنه أدرى مني في سياقات المخاطبة لخبرته الطويلة مع الرئاسة. وقد استحسن بقية الاعضاء مثل هذا الاسلوب في العمل. فكنت اقرأ النص وقد يقع عليه تغيير بعد مناقشتنا له.
فاضل البراك |
الدكتور البراك رئيس اللجنة
لقد تناوب على رئاسة اللجنة أربع شخصيات. حاتم العزاوي لفترة وجيزة وكان دوره في الجلسات مستمعا أكثر منه مساهما في النقاش، ومع ذلك كان يأتي على أراء قريبة من القرار السياسي الذي لا علم لنا به. ثم هناك رئاسة صادق شعبان وهو أقرب الى اسلوب العزاوي يتحدث في النضال السياسي أفضل منه في مناقشة قضايا جدلية. وتولى فاضل البراك رئاسة اللجنة. واتبع أسلوبا مختلفا. كان يثير القضية معنا التي يمكن أن تكون موضوع تقديم نصح فيها إلى الرئاسة. وأرى أنه كان على اطلاع بحكم عمله السابق كرئيس لجهاز المخابرات على قضايا شائكة. ويميز بين المواقف الراسخة التي لا يمكن التاثير فيها برأي غير ذلك الذي استقرت عنده وبين مواضيع فيها مجال للاختلاف في التحليل وتقديم الرأي. لقد كان واسع الاطلاع. وله ذاكرة جيدة. حكى لنا مرة انه أرسل لمقابلة القذافي. وعندما جرى الحديث بينهما كان فاضل يستمع لما يقوله القذافي، الذي يُعرف عنه بأنه يتنقل في حديثه من قضية الى اخرى دون رباط موضوعي. وامتعض القذافي من كون البراك لم يدون ما يقوله القذافي وحسب القذافي ان فاضل غير مكترث بما يسمع من القذافي. فجلب القذافي انتباه فاضل إلى إنه لا يدون ما يقوله له. فما كان من فاضل إلا أن يرد على القذافي بانه ليس بالرجل الملائم لرئيس جهاز المخابرات إذا كان يكتب كل ما يسمع بل عليه أن يحمله في ذاكرته. كان فاضل هادئا يستمع جيدا لما نقول، ولا يقاطع متحدثا ليحيده عن تحليله إلى ما يبتغيه منه فاضل، ولا يحاول أن يوجه الاراء صوب ما يراه، بل يتوافق مع الاعضاء. وكان يشير إلى قرارات وحالات نحن ليس لنا علم بها بهدف تعزيز رأي او توضيح موقف قد لا يتواءم مع الجدل الجاري.
لقد تعرفت على البراك عندما قال لي أخي النقيب المهندس البحري زيد في يوم أنه سيقوم بزيارة الملحق العسكري السابق في موسكو. ذهبت معه. وقد تحاورنا الثلاثة عن موسكو فانا كنت فيها قبلهم بعشرين سنة. وفي يوم من الايام اقترب مني علي سبتي، الذي اصبح سفيرا لنا في ليبيا في نهاية التسعينات، وكان طالب دكتوراه في قسم القانون وقال لي إن هناك فكرة تأسيس مركز بحوث ومعلومات تابع لجهاز المخابرات وإنني من المرشحين للمشاركة في القسم السياسي الذي سوف يتعامل مع السياسية الخارجية العراقية. لم أكن متحمسا. كنت قلقا من أن انخرط في مثل هذا النشاط غيرالاكاديمي. تداولت في الأمر مع احد الاساتذة الذين أثق فيهم وصدقهم وصواب التشاور معهم. جئنا على كل الاحتمالات. وتوصلنا إلى إن الرفض قد يعني العداء للنظام. لإن لا حجة منطقية يمكن أن اقدمها للاعتذار. وكما قيل لي أن هناك اساتذة آخرون من كلية الاداب وكليتنا في اختصاصات أخرى سوف يكونون في المركز.
. طلب مني أن نلتقي في فلة له على شاطيء دجلة في الكاظمية. فتح الحوار عن التعليم العالي وما هي مشاكله كما أراها وهل من سياسة للإصلاح . اتضح لي بعد أن شاهدت اللقاء بين الرئيس ورؤساء الجامعات أن هناك خطة لمراجعة نظام التعليم العالي فتصورت أنه كان ربما يرى أن أمامه فرصة ليصبح وزيرا للتعليم العالي، أو إنه كان يستطلع رأيي لربما ليرشحني لمنصب ، أو ربما طُلب منه أن يستطلع الاراء بلقائه مع الاساتذة المرشحين كونه يعتبر من حملة الدكتوراه وله حضور بين الاساتذة في نشاطات علمية. وكانت النتيجة ان أصبح الدكتور همام عبد الخالق وزيرا للتعليم العالي.
دعا فاضل مجموعة من الاساتذة في التاريخ من جامعة بغداد للقاء في قاعة اجتماع اللجنة الاستشارية. وطرح فكرة إنه يروم الانصراف الى كتابة كتاب عن الملك فيصل الأول. ويصعب عليَّ تفسير السبب وراء توجهه الى هذا الموضوع. تناقش الاساتذة في المقاربات الأفضل والمواضيع التي يستحسن أن يعالجها. في يوم من ايام لقاء اللجنة طلب مني أن ازوره في داره في المنصور. تناقشنا في موضوع الكتاب المزعوم. وبدأت اعرض أفكاري بما تيسر لي من معلومات كوني كتبت كتاب “الملك فيصل والاستقلال والانكليز” وهوعنوان مغاير لإطروحتي في العلاقات البريطانية العراقية تحت الانتداب والتي تقوم على افتراض انها كانت علاقات مثلثية. في الجانب البريطاني وزارة الخارجية ووزارة المستعمرات ودار الاعتماد في بغداد، وفي الجانب العراقي البلاط والحكومة والرأي العام. اقترح فاضل أن لا يدون ما اقوله بل يسجله. فعقدنا عدت جلسات في داره. وعندما القي القبض عليه خشيت أن يعثروا على الاشرطة، لأن فيها بعض الافكار التي قد لا تنسجم مع السياسة العراقية. وكنت حذرا في اختيار كلماتي.
لم تكن العلاقة بيننا تأخذ طابع التعويض والتكريم. كان يرسل للبيت كل عيد نهاية السنة صينية ربما فيها كيلوان من البقلاوة ليس إلا. كانت التفاة جميلة منه. وعندما ترقيت الى درجة الاستاذية أقمت دعوة للأساتذة في بيتي وكان هو من بينهم وكأنه واحد منهم. باغتنا في حضوره إذ فجأة دخل البيت من باب المطبخ وحيا زوجتي التي أسرعت فقالت إن دكتور فاضل قد حضر. استانس الاساتذة بحضوره وجرى جدل اكاديمي في قضايا لم يكن غريبا عنها.
علاقة حسن الجوار مع إيران لحل الحرب
لقد تدارست اللجنة في مسالة تسوية الحرب بعرض فكرة إقامة العلاقات مع إيران على مبدأ حسن الجوار. وقدمت ورقة بهذا الشان، تعرض فيها امكانية إقامة العلاقات مع إيران على اساس حسن الجوار وتعقد اتفاقية بين البلدين. وشرحت الورقة مزايا هذه المقاربة. واقترحت ان تعرض على إيران عبر طرف ثالث يحظى بالثقة من الطرفين. وإن الأمم المتحدة تكون الضامنة للاتفاقية وشاء الرئيس أن حولها إلى الخارجية للنظر فيها وتبنيها منهجا في العمل الدبلوماسي إقليميا ودوليا للدفع في هذا الاتجاه. لم يرق المقترح للخارجية. وجاء رد الخارجية على مقترحنا مشفوعا ينفاصيل و شروحات من القانون الدولي في معاني وخيارات علاقات حسن الجوار. وخلصت ورقة الخارجية إلى إن إيران لا تاخذ بمبدأ حسن الجوار بل أنها توسعية ومراوغة ولا يؤتمن لها. وقد خلصنا في نقاشنا للرد على مقترحنا من الخارجية بأنه يحمل سمات الراي في الدائرة القانونية وليس الاراء التي ربما يحملها طارق عزيز على محمل الجد، وكان هذا الاستنتاج من عند وكيلي الوزارة ” فأهل مكة أدرى بشعبها”، كما إن رد الخارجية فيه من الحرفية القانونية ما يوحي بأنه يريد التنبيه إلى إن صاحب هذا الرأي غافل لكثير من جوانب علاقات حسن الجوار في القانون الدولي. لقد كنا نبحث عن مخرج للحرب غير ذاك الذي ينتهي بهزيمة غيران، غذ لم يكن في خلد احد منا ان إيران سوف تهزم وهي الجالسة في الفاو. وإن استقبال الرئيس للمقترح وتحويله للخارجية كان يعني إنه قد يكون جدوى في مسار لم تسر فيه الدبلوماسية العراقي بجد.
كانت هذه هي المرة الاولى التي تذهب فيها أراء اللجنة إلى الخارجية تطلب منها الافادة من المقترحات. ويتضح من رد الخارجية أمور كثيرة. فمن الناحية الأولى، أحسب أن الخارجية لا علم لها بوجود جهة ما كلجنتنا لها صلاحية الخوض في السياسة الخارجية. ومن الناحية الثانية، إن الخارجية لم تألف قط أن يعرض عليها رأي من خارج بيتها الذي تصنع فيه السياسة الخارجية. ومن الناحية الثالثة، إن الخارجية لم تطق تحمل رأي يأتيها من خارج جدرانها وفيه قول تعاب فيه ضمنياًعلى إنها لم تنتبه إليه. ومن الناحية الرابعة، إن الرئيس وجه الخارجية ان تأخذ بهذا الخيار، وهو ليس للاطلاع. ومن حينها بدات الخارجية تراقب اللجنة ذلك ان للجنة امكانية الوصول الى الرئيس مباشرة فهو الراعي لها وليس عبر وزير الخارجية الذي يقرر ما يعرضه من عدمه. وأخيراً، إن الخارجية كانت قلقة من أن الرئيس قد يخاطب اللجنة في ابداء الرأي فيما تقوم فيه الخارجية ويصبح الطريق بين الخارجية واللجنة ذا ممرين بين الخارجية والرئاسة وبين اللجنة والرئاسة. وهذا أمر لا سعة صدر له عند طارق عزيز نفسه ولا عند الخط الأول من كبار الموظفين في الخاريجة من وكلاء ومدراء اقسام.. وقد سعى طارق عزيز، كما أخبرنا الاستاذ عبد الملك ياسين عضو اللجنة، أن يضع يده على اللجنة بان تُضم إلى الخارجية، والغرض كما تبين لنا هو للسيطرة عليها، أو ربما بهدف الافادة منها. والراي الأول هو الأصوب. ولم يفلح طارق عزيز. ولم يبلغ مقترحنا الهدف.
الرئيس وتفكك الاتحاد السوفيتي
سلمني دكتور فاضل قصاصة ورقة ونحن في الاجتماع. قرأت ما فيها. كتابة بخط يد ليس كتلك التي الفتها في خط فاضل. في القصاصة استفسار ما هي انعكاسات تفكك الاتحاد السوفيتي على التوازنات الدولية وعلى العراق وإيران. فهمت إنه يريد مني دراسة عن الموضوع. استفسرت منه بعد نهاية الاجتماع ما ذا يراد مني. قال لي إن الرئيس يريد من اللجنة أن تقدم مقترحات حول التوقعات وما ينبغي فعله للتكيف مع البيئة الإقليمية الخليجية والعربية ومع التدافع السريع والخطير في البيئة الدولية بعد السترويكا والمسارات الاصلاحية التي شرع غورباتشوف يجريها في السياسة الداخلية والخارجية السوفيتية وتصاعد النفوذ الأمريكي.
سألت نفسي ما الذي حدا بالرئيس أن يثير هذا السؤال؟ لربما إنه قلق على العراق بعد نهاية الحرب بأنه لم يحصد منها نتائج إيجابية غير تلك التي تمثلت في هزيمة إيران في الميدان ولم يكن النصر العسكري فوزا سياسيا وإستراتيجيا للعراق. فهناك مسألة شط العرب غير محسومة. وموضوع الأسرى العراقيين لدى ايران. وقضية الديون على العراق المتراكمة بسبب الحرب. والعلاقات مع دول الخليج التي تنفست الصعداء بهزيمة إيران دون ان تدفع ثمنا بشريا أوتدميرا أوتعطيلا لتطور الحياة والبناء كذاك الذي وزره العراق، بل أمنت على نفسها بأن كان العراق مصدا لإيران. وإن إيران قد تستعيد عافيتها وتعود الى تهديد العراق. وإن السعودية سوف تحيي تنافسها مع العراق على الهيمنة والدور في الخليج العربي بعد أن أصبحت القائد لمجلس التعاون الخليجي الذي ليس فيه العراق الذي هو الجدار الأمني للخليج العربي. وإن أمريكا سوف تحيد عن دعم العراق لصالح السعودية حليفتها التقليدية في الخليج العربي. وإن الفراغ الذي تركه تراجع الدور المصري القيادي لا يمكن ان تشغله سوريا أو السعودية بل العراق، ولكن قد تعترض الولايات المتحدة على دور قيادي عراقي بعد أن تراجع الاهتمام السوفيتي بالخليج العربي، او أن تضع واشنطن شروطا للدور الإقليمي للعراق الجديد ما بعد الحرب. وإن الديون الدولية على العراق ترهق الميزانية وتضيق فرص تنمية لما بعد الحرب. وإن بناء القوة الإقليمية عسكريا لن يتم دون واردات اقتصادية من النفط. وإن اسعار النفط لا تتعافي من مستواها الواطىء لينتعش الاقتصاد العراقي، وإن دول الخليج، خاصة السعودية، لا تدفع في اتجاه الاتفاق على معدلات الانتاج لرفع اسعار النفط، وإن هذا التلكؤ مرده الضغط الأمريكي على السعودية التي دأبت على توجيه السياسة النفطية لإوبك بما يتماشى مع المصالح الأمريكية في الهيمنة العالمية، وإن الاعتراف بدور العراق إقليما كقوة إقليمية كبرى لم يتحقق بعد.
قرأت الدراسة على مسامع اللجنة. اثار بعض من الأعضاء ملاحظات تذهب إلى الضد من الافتراضات التي تأسست عليها الدراسة والتي فحواها إن القيود على الحركة العراقية سوف تكون أعصى على بغداد في التغلب عليها في غياب الاتحاد السوفيتي وعلة ذلك إن السياسة الشرق اوسطية منذ انطلاق الحرب الباردة كانت تدار في إطار حركات بين امريكا والاتحاد السوفيتي بهدف الابقاء على التوازن. وفي حالة اختفاء الاتحاد السوفيتي فإن العراق سوف يكون منكشفا أمام الضغط الامريكي. وإن أمام العراق خيارين اساسيين: إما أن يجنح نحو الاستقلالية والدور الناشط ليستثمر هزيمة إيران، وإما أن يقترب من واشنطن. ولكل خيار كلفة ومنافع. ومع ذلك، فإن الموقف من واشنطن هو الحاسم. فكم هي المسافة التي يتمكن العراق فيها الابتعاد عن واشنطن وما هي القضايا العربية والإقليمية التي تتنافر فيها المصالح والمواقف بين بغداد وواشنطن. ففي غياب الموازن الدولي السوفيتي سيصبح الخليج العربي والشرق الاوسط في بيئة توازنات جديدة إقليمية وعربية- عربية تميل فيها أمريكا إلى السعودية، لذلك على العراق أن يقترب من السعودية ويرضا بتقاسم الأدوار في سياق السياسة الأمريكية. رفعت الورقة إلى الرئاسة وفيها الآراء المختلفة من تحفظات على بعض الاستنتاجات ومن موافقة. وقد توكد صدق افتراض الدراسة إن عراق ما بعد الحرب إما أن تكبله أمريكا أوتطلق حركته بشروط ولحدود وفي مجالات معينة. وقد ارتأت واشنطن أن تطلق يده ولكن تبقيه تحت المراقبة الشديد والجمع بين الإغراء والعقاب وهو ديدن العصا والجزرة الأمريكية، حسبما يسلك الرئيس العراقي. وجاء الهدهد برسالة من بوش بالنبأ اليقين.
رسالة الرئيس بوش إلى الرئيس صدام حسين
جاءت رسالة شخصية من بوش إلى الرئيس. وعرضت على اللجنة .وفيها الرؤية الأمريكية للخليج العربي والشرق الأوسط بعد الحرب والتداعيات في البيئة الدولية كما أتضحت من تمرد دول حلف وارسو على الزعامة والهيمنة السوفيتية. وتطلب الرئاسة تحليلها وإبداء الرأي في جدوى نشرها في الصحافة أم الاحتفاظ بها كمخاطبة شخصية. كانت الرسالة مقتضبة لا تتعدى الصفحة ونصف، ولكن فيها أمهات الأفكار للاستراتيجية الأمريكية والسياسة الخارجية في المنطقة بعد دحر إيران وما ترسم له امريكا في المدى القريب والمتوسط بعدما تجلت معالم أفول الحرب الباردة وتفرد الولايات المتحدة. قرأت الرسالة إلى اللجنة.
وجاء في رسالة بوش إن واشنطن تدرك أهمية انتصار العراق على إيران. وإن التهديدات الإيرانية قد ؤدت. وإن بيئة إستراتيجية جديدة قد نجمت عن الحرب في الخليج العربي وفي الشرق الاوسط. وإن الاهداف العليا هي الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتسوية النزاعات. ويفهم من ذلك القضية الفلسطينية القضية الرئيسية في السياسة الشرق اوسطية حتى ذلك الحين. وتشير بصريح العبارة إنه يقع على العراق مسؤلية إقليمية في بلوغ تلك الأهداف، وإن من مصلحة الجميع العمل على الحفاظ على الأمن والاستقرار والسلام. وتتطلع امريكا إلى أن يتعاون العراق في هذا المجال. وعصب الرسالة هي فكرة المسؤلية التي تقع على عراق ما بعد الحرب ،والاعتراف بمنزلة العراق في المنطقة. لقد كان العراق منذ ولاية الرئيس صدام حسين حتى نهاية الحرب مع إيران يتغنى بالدور والمنزلة والريادة والقيادة، بعدما حصل فراغ قوة باحسار الدور المصري، وعدم حسم السعودية فمرها ف الاقدام لمليء الفراغ. وجاءت الرسالة لتشبع هذا الغرور. ولكن بشروط.
لقد جاءت الرسالة بعدما اتضح أن بغداد أصبحت غير واثقة من إن الانتصار في الحرب سوف يأتي بثماره المادية والمعنوية. فالكويت تتمنع عن اعطاء العراق رخصة الانتشار الجيولوليتيكي في الخليج العربي ليصبح قوة بحرية خليجية تليق به كما بدى بعد الحرب من قوة في العدد والعدة والخطاب السياسي . لقد حانت المناسبة لتلك المقولة” اليد الطويلة” أن تمتد إلى حيث ما يمكنها أن تطال، سواء بكبرياء المنتصر أو بالحنين الإيديولوجي ، وليس أن تبقى قوة قابعة في موقعها في شط العرب تخنقها إيران والكويت. إن من الخطأ الاستراتيجي الفادح أن تعول بغداد على افتراض أن إيران التي تمثل التهديد الجيوبولتيكي والإيديولوجي قد سحقت وسوف تبقى مهزومة، بل إن المنطق يملي على بغداد ان تحتسب إلى قدوم فرصة أن تستعيد إبران عافيتها مرة أخرى وتثأر، الأمر لا شأن له بعجز في القدرات الذاتية الإيرانية، بل في القرار السياسي. هذا من جهة.
ومن الجهة الأخرى، أعيت حرب السنوات الثمان الجسد الاقتصادي العراقي الذي سر حياته النفط. والدول الخليجية مترددة وتمسك يدها في مده بالقروض أو الهبات في حملة الاعمار ولا تريد اطفاء ديون العراق التي تراكمت عليه من دول الخليج العربي ومنها الكويت. ولا تصغي إلى جدله في مراجعة سياسة اسعار النفط كي تنتعش ويعثر العراق على موارد أكثر. واعتقد أن الموقف الخليجي كان شبه اجماع بأن يماطلوا ويتمنعوا من الاستجابة لمطالب الرئيس، كما إنهم حسبوا أنه سوف يبتزهم بعد الحرب، إذا لم يظهروا موقف الرفض الجماعي أو التسويف، ذلك أن الموقف العراقي كان بيده حجة ياتي عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة فحواها إن الحرب بين العراق وإيران لم تكن بينه وبينها وحسب، بل أنها كانت أيضا دفاعا عن دول الخليج العربي التي كانت منكشفة، وإنها حرب هويتها وحساباتها قومية عربيىة وليس عراقية قطرية، وإن الخليجيين كانوا منكشفين امام إيرا ن التي كانت تلهج مزهوة برسالتها وقدرتها على تصدير الثورة. وإن الخليجيين لم يكونوا يثقون بأن أمريكا سوف تأتي لنصرتهم لتدخل في حرب مع إيران في الوقت الذي كان السوفيت قد احتلوا افغانستان.
ولعمري، هل كانت واشنطن قد أغرت بغداد، بعلم منها أو بدونه، لتنوب عنها في مواجهة المد الثوري الديني – المذهبي غير الذي كان قد نادت به الطروحات الإيديولوجية والتطبيقات الوحدوية له حتى في ذروة الحماس لها كما تجسدت في الناصرية. لقد كانت المصالح الأمريكية- الغربية في الخليج العربي مهددة بالنزول الجيوبولتيكي للامبراطورية الروسية تاريخياً والاتحاد السوفيتي القوة العظمى صوب الخليج العربي ” المياه الدافئة، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى، اصبحت مهددة بخصم وعدو جديد، بعد احداث الرهائن الأمريكيين في طهران واخفاق انقاذهم بعملية عسكرية في عهد إدارة كارتر، وكانت من اهم اسباب خسارته امام ريغن. فثمة احتمال ان يتكاتف السوفيت مع الإيرانيين لإخراج امريكا والغرب من الخليج العربي. لقد كانت القوة العربية القومية منذ 1948 قد أعطت قبلتها إلى المركز فلسطين، ولعله كان من الحكمة الإستراتيجية البعيدة المدى أن تتعدد بوصلة تلك القبلة، والجبهة الشرقية هي الأكثر مطالبة بهذا التحول في المسيرة، لكي يحصل صرف النظر عن المركز، بصورة شبه تامة بعدما خرجت مصر من ركب المسيرة باتفاقية كامب ديفيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق